الأحد، 25 ديسمبر 2011

جَنَـــاحُ جَبْرَائِيـــــلَ

جَناحُ جبرائيلَ مشرَّعٌ على عينيّ فاطِمة...!
والمُصابُ يَخْنُقُ الْمَسافاتِ بَيْنَ نَبَضاتِنا... يَخْتَزِلُ أَوْجَاعَ الدَّهْرِ في لَحْظَةِ الْعُرُوج...!
وَعَلى أَطْرَافِ الذِّكْرَى، قَلْبٌ أَرْهَقَهُ الْوَجْدُ... يَتَعَلَّقُ بِـ أَنْوَارِ الْجَنَاحِ...يَحْفِرُ جَوَاهُ بَيْنَ جَدائِلَ أَشِعَّتِهِ الْمٌبَلَّلَةِ بِالْعَبَراتِ... فَتَنْبَثِقُ مِنْ بَيْنِ الضُّلُوعِ حَرَارَةٌ لِنْ تَبْرُدَ أَبَداً، كَانْكِشَافِ كُنْهِ الدَّمِ عَلى حَوافِّ الْمُرْهَفاتِ... لَعَلَّ تِلكَ الحرارَةِ تَصْعَدُ مَعَ تِلْكَ الْجُمَاناتِ الْحَمْراءِ المُتَلألِئَةِ إِلَى السَّمَاءِ، لِتُبَلْسِمَ قَلْبَ الزَّهْرَاءِ...
سَيِّدِي حِينَ هَوَيْتَ فإِنَّما هَوَيْتً عًلى كَفَّيَّ... وَدِماؤُكَ النَّوْراءُ هَوَتْ جَمْرًا عَلَى قَلْبِي...
وَتَساقَطَتِ الْقَطَرَاتُ... وَبِهَا تَسَاقَطَتْ أَشْلاءُ الدَّمْعِ مِنْ ذَلِكَ الْجَنَاحِ، فَنَقَشَتْ نَغَمَ اللَّقَاءِ الْمَصْبُوغِ بِالْقَاني عَلَى وَجَنَاتِ رُوحِي...
سَيِّدي.. حِينَ عانَقَتْ يَدَاكَ السَّمَاءِ، اسْتَفاقَتْ لَوْحَةُ الْمَطَرِ مُبَلَّلَةً أَطْرَافَ نَافِذَتِي... فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ، لِيَتَقَمَّصَ وَجْهِي حَكَايَا الْفَجْرِ مِنْ آيّاتِك، وَوَجْهَ اليُتْمِ وَالأَلَمِ مِنْ جَنَاحِ جَبْرائِيلَ...
وَحِينَ وَارَى الجَناحُ نَظَرَ الزَّهْرَاءِ، تَكَسَّرَتْ حُرُوفُ الْحِكَايَةِ وَسَقَطَتْ عَلَى أَجْفاني... إِذْ حَصَلَ خَطْبٌ أَوْقَفَ قَلْبَ الزَّمَنِ مِنَ الرَّوْعِ، فَلَمْ يُفِقْ إِلَّا بِقَطَرَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ، تَسْقُطُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَى رُمْحٍ طَوِيلٍ... خَطْبُ ما رَأَتْهُ الزَّهْراءُ... لَكِنْ... رَأَتْهُ زَيْنَبُ بِأُمِّ العَيْنِ...
عَجِيبٌ أَنْتَ... عَلَّمْتَ السَّمَاءَ معْنَى الاِحْتِواءِ، وَالْبَحْرَ فَنَّ الْمُنَاجَاةِ الْهَادِئَةِ، وَالثَّوْرَةِ الْعَاتِيَةِ، وَحِيَاكَةِ تَسْبيحَةِ السَّحَرِ مِنْ لُجَيْنِ الْقَمَرِ... حَتَّى الْفُرَاتُ، رَآكَ سَمَاءً تَفُوقُ السَّابِعَةَ وَلَكِنْ بِلا نِهَايَة...!
لِأَنِّي فَقَدْتُ حِبْرِي وَدَوَاتِي، وَلِي فِي ذَاكِرَةِ الْمَاءِ قَصِيدَةٍ خَاوِيَةٍ... بِلَوْنِ التُّرَابِ... فَهاهِيَ رُوحِي تَتَطَلَّعُ إِلَى نُورٍ وُلِدَ مِنْ رَحِمِ الصَّلَاةِ... تَوَدُّ الْاِرْتِمَاءَ فِي جَمَالِهِ الْعَسْجَدِيِّ، وَالذَّوَبَانَ فِي عِشقِهِ كَفَقاقيعَ من الدَّهشَةِ... وَكَقِطَعٍ مِنْ ذَاكِرَةٍ خَزَفِيَّةٍ تَوَدُّ التَّلاشِي فِي الذِّكْرَى الدَّامِيَةِ...
يا دَوْحَةَ الطُّهْرِ وَالتَّسْليمِ، وَمَنْبَعَ الإيمانِ وَالصَّبرِ... قَصَدْتُكَ أَتَسَلَّقُ ضِياءَ الْفجرِ إَلِى غَيْماتِ السَّماءِ، لَعَلَّ جَناحَ جَبرَائِيلَ يَحُنُّ عَلى بَقايَايَ، وَيَنْتَشِلُني وَيَطِيرُ بي إِلَيْكَ، فَلَسْتُ أَجْسُرُ عَلى الطَّيَرانِ حَيْثُ أَنْتَ... وَهلْ لِمَنْ تَلَطَّخَتْ بِالذُّنُوبِ طاقَةٌ علَى فَرْدِ جَناحَيْها، فَيُلامِسانِ الْهَوَاءَ بِكُلِّ أَرْيَحِيَّةٍ؟...
فَيا أمَلي تَحَنَّنْ عَلَيَّ، وَتَلَقَّفْنِي لِأّقْطِفَ النُّورَ مِنْ رُوحِكَ الطَّيِّبَةِ، لَعَلَّ رُوحِي تفيقُ من سُباتٍ عَميقٍ... واسكبْ رَحيقَكَ النَّدِيَّ على أوتارِي المُتْعَبَةِ منَ الركْضِ في أَزِقَّةِ الشِّتاءِ، الْمَكْسُوَّةِ بِصَقِيعِ الاِغْتِرَابِ...
سَيِّدي... أَبا عَبْدِ الله... جِئْتُكَ أَتَوَكَّأُ عَلى أَصابِعَ شَلَّتْها الخَطايا وَأَضْعَفَتْ قِواهَا... فَأَحْيِها بِفَيْضِ خُنْصُرِكَ الْمَبْتُورِ... جِئْتُكَ أَتَوَسَّلُ بِجَناحِ جبرائِيلَ... لِتَمْسَحَ عَلَى قَلْبِي بِأَنامِلَ يَنْهَلُ الْوَرْدُ مِنْهَا عِطْرَهُ، وَتَسْتَنْطِقَ كَيَانِي الْجَامِدَ بِرَنِينِ هَيْهَاتِكَ...
سَيِّدِي.. لَعَلَّ سُطُورِي وَجَدَائِلَ حِبْري تَبْدُو كَالْهَذَيَانِ... جُمَلٌ تُخَاطُ إِلَى بَعْضِها كَخِرْقَةٍ مُرَقَّعةٍ بِأَلْوانٍ لا صِلَةَ قُرْبَى تَجْمَعُهَا، وَبِغَيْرِ اعْتِناء... لَكِنْ كُلُّ ما أَعرِفُهُ وَأَعِيهِ أَنَّ قَلْبي بِحُبِّكَ يَخْفِقُ، وَبِذَلِكَ الخَفَقانِ يَحْيَا...
وَحَتَّى الآن... تَرمقُ روحِي السَّماءَ بَحْثًا عَنْ جَنَاحِ جَبْرَائِيلَ... لِتَرْتَمِي بَيْنَ أَحْضَانِهِ، وَتَسْكُبَ آلَامَ فِرَاقِ الْحَبِيبِ، وَتَرْسُمَ بِخَفَقَاتِ الْعِشْقِ فِي الْهَوَاءِ غُيُوماً مِنَ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ، يَتَنَفَّسُهَا الْمَطَرُ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق