لذاكرة الورد على شفتي الرجاء لغة الخريف الموشى برائحة الربيع حين تذوب ألوان عنفوانهما في ماء الحنين...
تلك لوحة تختزل أحاسيس متناغمة تتساقط على خلايا الروح رذاذاً ناعماً يؤجج الشوق إلى الملكوت... فلملمت أشلائي التي توضأت برحمة الله، وحملت على كفي قلبي الذي اغتسل بالأمل وارتدى أوراق النسرين المعطر بالتوبة...
تنهش روحي في صم الصخور بحثاً عن نور الحقيقة، لعلها تنهل من زمزم الحب الإلهي وتروى بكأسه الأوفى...
وعلى وقع التلبيات، تعزف خفقات الفؤاد سمفونية الانعتاق، والهجرة إلى الله!
تنتفض روحي مع خفق أجنحة الحمام المجللة بأمان ربي المنساب على تلك الأرض الطاهرة لتطالها كل الممكنات... وهناك، نثرت آلامي التي بح صوتها، وبعثرت اختلاجاتي ملء فضاءات الياسمين... وشاركتني الحمائم طقوس الولاء والرجاء، مثلما شاركت كل من تبركت أقدامه بأريج تلك البقعة المباركة...
سبحان الذي طافت له القلوب لتتجلبب بالولاء... وارتحلت له الدموع بين الخوف والرجاء...
وفي عمق مرآة تجسد لغة ذوبان بين عبدٍ ذليل، وربًّ جليل، يرتعش نغم العبرات، فتتبعثر أحرفها مبللةً صفحاتٍ من الذكرى منسوجةً من غلائل الورد والرياحين، مطرزة بالدعاء والمناجاة... في تلك الصورة تلاشى لون الخطايا، وتيبست المعاصي وتساقطت.. بعدها اخضرت القلوب، وأزهرت ياسميناً نديًّا بقطرات غفرانٍ جادت بها غيوم عرفات...
وعندما تلمع حبات اللؤلؤ في الهواء، تقرع السماء أجراس الرحمة، ليخرج الودق فيسقي بالتوبة والطهر مجامع القلوب... كلما تنطلق في الآذان معزوفة اللؤلؤ، حتى تلامس من الروح الشغاف، تتيبس ذاكرة الخريف في رمس أبجديةٍ غضة...
ارتمست الروح في تحنان ربها، وها هي تعود إلى إهابها بيضاء ناصعة، تحمل أكاليل من وردٍ ونسرين، لتنثرها على مثوى الأطهار قطرات من ولاء...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق