الاثنين، 26 أغسطس 2013

حلقات حلم متشابكة

 


 
(1)
 
ذلك الحلم الذي سكن ضلوعي طويلا
صعد إلى القطار..
وإذا بصوت الصافرة يدوي
والدخان يحفر في الهواء بصمة
بلغته الخاصة
التي قد لا يفهم رموزها إلا من امتلأت قلوبهم وجعا
ثم..
بدأ القطار يتحرك رويدا رويدا
وأخذت سرعته تزداد شيئا فشيئا..
والهلع يأخذ بمجامع قلبي
وأنا أركض..
وأركض..
محاولة الإمساك بحلمي..
منتظرة توقف القطار
حتى يترجل منه وأعانقه بكل ما أوتيت من شوق...
وما زلت أركض..
وأمني نفسي بتوقف القطار عاجلا
فقد كلت رجلاي...
واشتعل القلب ألما...
 
(2)
 
عندما خلت أغصاني من الأوراق
استفاقت جراحي الموبوءة بداء الصقيع
تبحث عن بصيص دفء
في وجه دوار الشمس
فيا أوراق الخريف
انثريني أحلاما مبعثرة تحت الأقدام..
صفراء تنتظر موسم الاخضرار
فإنني عاجزة عن الطيران
وحتى التوكؤ على أصابعي
أنتظر
أن تجود علي السماء بنجيمات
فإذا قطفتها
تنفست ألوان الطيف من قلب الزهر
ووضعتها وساما ينث الذكرى على كفي
علني أفتح عيني..
وأشرع أجنحتي المكسورة لتلثمها ذرات الهواء
لأنني حتى الآن
لم أنجح في رسم انتمائي على الخارطة النائمة
في عمق الذاكرة
التي علاها طلاء أخضر
شهد على بداية مقطعة الأوصال
ومسامات أحزاني.. طليت بصمت يشبهه..
 
(3)
 
تصافح عيناي السماء
بانتظار هطول وردة بيضاء
تحط بدفء على خارطة الأمل الموشكة على الانطفاء...
فتسح من تحنانها قطرات
بمذاق تباشير الفجر الذي يداعب أوتار الروح
لتنساب الرحمة الإلهية مطرا
يخمد أوار الانتظار
ويوقظ كل الخلايا...
لتفتح أذرعها لاحتضان الأمل المرتقب...
 
(4) 
 
جئتك يا سيدي بحاجتي..
فارفعها إلى السماء..
كيلا تسقط منها على التراب - كالخيبات - قطرة..
يا رب.. أحي أمنيتي على كف الربيع الأخضر...

انعتـــــاقٌ افتــــــــراضيّ

 
 
بألوان الأمل الزيتية
يتوحد المطر وذاكرة الورد الأبيض
على لوحة وردية الأنغام
كأنشودة الثلج على أوتار حلم
قد تبرعم في أوصال الشروق
تؤذن في أذنه لغة مائية براقة
وتهمس بأن صب الحكايا الخلابة على أنامل الذكرى
وتجسد في سطور الروح
كقطرات ندى تورق بها العيون
فالغصن لما يزهر بعد
 
 
لم أعد أحتمل مجرد تجسد طيف الشمس
في صورة رسوم متحركة
مصيرها التلاشي والانطفاء
أين أنت أيها الأبيض؟؟
ليتني أراك مشرعا على ذاكرتي
فإن ذلك البلسم ينكأ جراحي
وفي نفس الوقت ينث عليها إكسير التحنان
كوجه يتشظى وداعة.. لكنه متناقض الملامح
 
 
بك يا رب الجمال
أستبدل خيط الدمع
الذي يحمل هشاشة الكون
بخيط ذهبي يختزل القوة والعنفوان
في رحمة تتنزل على مسكينتك تنزيلا
فأزح عن أجفاني أضغاث الأحلام الهلامية
وانفخ في روحي روحا ملونة جديدة

على أهداب وطن...



 
 
(1)
 
أراك قد أعددت عدة الرحيل
ولوحت لي بكف تحنانك..
بعد أن لملمت أزاهيرك العطرة
من على حافة نافذتي
ولكن..
إلى أين السفر..؟؟!
فقطرات المطر انزلقت من بين أصابعي
وهوت بحزن السماء على التراب..
ثم جفت بعد همسة ريح..
لأشكو من بعدها العطش
فيا أيها الصديق..
لا ترحل وتتركني عجز نخلة
ترتعش في مهب المحن
وتتقاذفها العواصف حتى الهاوية
لا تتركني..
فمن بعدك يشد بمنديل الضوء جراحي؟!
خذني معك
حيث أنت وكل الجمال يسكنك
 
 
(2)
 
أنظر إلى جدائل شروق الحب
وهي تطرق برقة أبواب الأمنيات
وتستحث حكايا الخريف المبعثرة
على مقاعد الذاكرة الخشبية
خلف أجفانها تتلألأ أنهار ورد
وثلاثون نجمة
فإذا رفعت يديك تمس أطراف قوس المطر
حين يتدلى
لتشربه براعم الأحلام الباهتة
وتنفس لحظة الانعتاق
وابتسم لثغر يوزع على القلوب
بسمات بمذاق اللجين المتربع على جيد الحلم
وعباءتها البيضاء وطن رحب
يساقط علينا من عطاياه رطبا جنيا
فيا روح كلي واشربي وقري عينا

عندما شُجَّت الشمس



 
 
شمس.. قمر..
كوكب دري تماوج في رئة السماء
لتتنفس بكل ما أوتيت من نقاء
قداسة تبسملت في أبجديته السامقة..
أراد أن يجلو خيوط الدخان المتشابكة
في بيوت العناكب المنتشرة بجنون
بين مسافات الذاكرة.. والمطر..
وأن يطفئ في جنائز بصماتنا
أوار الخطيئة
..................


أميري علي..
أنزله الرب رحمة وتبيانا
في ليلة مباركة
نزل يختزل النور
فانحنى له الحجر الأسعد
والتفت حوله مجرات العشق
لتنصب سجدته الأولى محورا
..................

إذ انبعث أشقاها
وقد الشمس وضحاها
في ليلة تنزل الملائك والروح فيها
دامعة تنقش إعوالها
على أحرف نعي جبرائيل
تهدمت والله أركان الهدى...!
...................

الفرات المختبئ في عينيه
نزفت في المحراب آياته
وختمها بنجيع قان
اندست فيه عذاباته
لتصعد إلى قلب السماء
تاركة خلفها يتما لا يندمل...!
.................

وفي المحراب..
غرس السجدة الأخيرة
مدائن ورد تنث نداها
فكان كل فرق كالطود العظيم
بهديره تستفيق الأرض
من غيبوبة مخاتلة الظل
للطيف المتعسجد في انكسارات الزمن
......................


عشقٌ مزاجه من تسنيم


 
 
أّنْتَ الحُسينُ سَماءٌ أَنْعَشَتْ رِئَتي
وَ في مَهَبِّ حَنينِي أَنْتَ أُمْنِيَتي

أَنْتَ السِّرَاجُ بِكَ الْإِسْلَامُ مُنْتَصِبٌ
وَ الشَّــــمْسُ أُسْطُـورَةٌ نَضَّاخَــةُ اللُّغَةِ

تَعَسْجَدَ الْحُبُّ في مينَاءِ حَضْرَتِكُمْ
وَ انْبَثَّ إِكْسِيرُكُمْ فِي عُمْقِ قَافِيَتي

يا عبقَرِيًّا تَجَلَّى في الطُّفوفِ سَنا
إِعجــــــازِهِ فــــاحتَــوى آلامَ أَزْمِنَـــــتي

اُنْفُخْ بِــــيَ الرُّوحَ رَيْحــاناً يُجَلِّلُنـــي
يُخَلِّصُ النَّفْسَ مِنْ وَعثاءِ هاوِيَتي

لِأَرتَدِي الْعِشْقَ إِحراماً على وَجَعي
وَ خَفْقُ نَوْرَسِهِ يَجْتاحُ أشرِعَتي

عَلِّي عَلَى وَقْعِ أشْواقي أَحُجُّ لَكُمْ
وَ حَوْلَ أَفلاكِكُمْ تَلْتَفُّ تَلْبِيَتي

قَداسَةٌ مِن تُرَابِ الطَّفِّ أَرشُفُهَا
وَ أنْثُــــــرُ الْعِطْرَ تَسْنِيـــماً عَلَــى شَفَتي

دِمـــاؤُكـــم أَنْبَتَتْ وَرْداً زَهَا عَبَقاً
أَوْرَاقُهُ ضَخَّتِ الذِّكْرَى بِأَوْرِدَتي

تَنَشَّقَ الْقَلْبُ عِشْقاً مِلْءَ أَحْرُفِكُمْ
يُسَطِّرُ الضَّوْءَ فِي أَنْقَاضِ أَجْنِحَتي

يا مُلْهِمَ الكَهْفِ خُلْداً زَادَهُ أَلَقاً
وَ الْفَجْرِ إرْهاصَةً مِنْ نُورِ فِاطِمَةِ

وَ تِلْكَ عَشْرٌ تَشَظَّى الْوَجْدُ مِنْ دَمِها
تَبَتَّلَتْ بِاسْمِ نَفْسٍ فِيكَ رَاضِيَةِ

رَمَيْتَ نَحْوَ السَّمَا مِنْ راحَتَيْكَ دَماً
فاسْتَيْقَظَ العِشْقُ بُرْكاناً بِذَاكِرَتي

أَنْهَرْتَ نَبْعَ الْحَياةِ سَلْسَلاً شَبِما
مِنْ صَبْرِ عَالِمَةٍ طُهْرٍ مُخَدَّرَةِ

وَمِنْ دَمِ النَّحْرِ إِذْ يجري بِكَوْثَرِهِ
يَصُوغُ ذِكْراً بِهِ تَزْدَانُ بَسْمَلَتي

وَ كُلَّمَا اشْتَدَّ عَصْفاً كَرْبُ عاشِرِكُم
تبَسَّمت رُوحُكم في كُلِّ آوِنَةِ

باللهِ مَنْ أَنْتَ يا مَسْعايَ يا حُلُمِي
يا قِبْلَةَ الْقَلْبِ يــــا سَجْـــــدَاتِ نــــافِلَتــــي

آهات الرحيل

 
 
بيت الإله تلقى قوس منزلكم
لما حفرت به الأنوار كالعسل

ثم الختام ببيت الله إذ صعدت
سجدات عشقك عند البارئ الأزلي

قد خضبتها دماء أهرقت فإذا
آياتكم قد سمت حتما على الأسل

رحماك يا أبتي من لليتامى إذا
دمعاتهم قد جرت حزنا من المقل

من يمسح الترب عن هامات أوجاعهم
والحب يطعمهم بالدفء والأمل

يا سورة الدهر يا ميزان أعمالنا
خذنا وفي القلب أذن علنا نصطلي

هذي الحياة غدت سوداء مظلمة
من بعدكم من لنا في خطبنا الجلل

قم وانظر الليل يشكو فقد محييه
والفجر بالجرح عزى سيد الرسل

يا أيها النبأ الأجلى لقد شجنا
ضرب الكتاب بمحراب الهدى الأزلي

والرب نسأله الصبر الجميل فقد
قامت صلاة دموع بافتقاد علي

الأحد، 25 أغسطس 2013

أنا.. وبصيص تحنان أبيض..!



أراني على شفا هاوية
تقمصت أرضية خلاياي ككتاب حكاية
تعلوه مدائن الغبار
وقد هرب اللؤلؤ الأبيض من فصولها
لتتساقط جدائل الدخان في عتمة الفصل الأول..
وقد يكون الأخير
وقد لا يكون...
وبقي الأسود يسرح بين أكوام الذكريات
في شاشة العرض اليتيمة
بانتظار كف سماوية التكوين
تلف محاولاتي الباهتة بالتوهج
بهديل بطعم السكر ولون إشراقة الياسمين
................

أخبرت ذلك الضوء الأبيض
الذي تهادى بدفء على نافذة الأمل
أن في داخلي قطعة نبض جوفاء
تقعدني عن امتطاء النجوم
وقراءة لغة الماء على صفاح الفجر الأخضر
أخبرته..
أنني أسيرة سبع عشرة سلسلة حديدية
ملغومة بالنار والصدأ والتراب
فهل تعيرني أجنحتك للحظة
لأتدثر باللجين من وعثاء المسير
وأطير بها إلى حيث ترسو الأمنيات؟
....................

في فضاءاته
تسبح فراشات ذهبية
تناديني
لأنهل من عسجدها مددا
أرصف به قوس صعودي
...................

مدت لي المرآة ظلا
لكنني لم أقو حتى على السباحة
في الأحلام غير الآسنة
فالقحط قد صبغ كياني
حتى الثمالة...!
.....................

يا أيها الأبيض الفريد..
اسكنني قيثارة تضيء قطع الليل
بين شظايا الطين..
والمنفى..
والذاكرة..
غلفني كفرات يبتكر النجوم..
عل أوصالي تنتفض..
وتتنفس لغة العبير
وتغرس وردة جورية غضة
على خارطة الحنين...!
.......................

ذاكرة التفاح